Header Ads

حكم تحكيمي قضية التجمع الايطالي ضد المغرب


قاعدة التقعيد
(إن مخالفة أحكام وشروط الصفقة بين رب العمل والمقاول لا تشكل حكما مخالفة لإتفاقية الإسثتمار الثنائية.)

لا تنظر محكمة الـــــــ ........... في المخالفات العقدية إلا إذا شكلت خرقا للإتفاقية الثنائية ــ لا يمكن اعتبار أية مخالفة لعقد البناء بين رب العمل والمقاول مخالفة لإتفاقية الإستثمار الثنائية ـــ إن الإخلال في تنفيذ العقد المضر بمصلحة المتعاقد لا يشكل تدبيرا من تدابير المصادر ــ تفترض المصادرة زوال مال أو حق على الأقل الحرمان من الإنتفاع منه أو الوصول إليه ـــ يقتضي الإثبات أن الدولة اتخذت التدابير بموجب امتيازات السلطة العامة وليس بصفتها التعاقدية ــ لا تتجاوز المخالفات المزعومة إطار العلاقة التعاقدية وبالتالي لا تشكل إخلالا بالإتفاقية الثنائية.
المركز الدولي لتسوية نزاعات الإستثمار واشنطن
في القضية التحكيمية
ما بين
كونسورسيوم RFCC
(مدعية)
ضـــــــــــــــــد
المملكة المغربية
(مدعى عليها)
ملخص الحكم التحكيمي في القضية رقم 6/00/ ARB
لأعضاء المحكمة:
الأستاذ روبرت برينر، رئيسا
الأستاذ برناردو كريسمان، محكما
الأستاذ ابراهيم فضل الله محكما
أمينا سر المحكمة:
السيدة غابرييلا الفاريس ــ أفيلا
تاريخ إرساله إلى الأطراف: 22 ديسمبر 2003

أولا: المقدمة
إن المدعية هي تجمع شركات ايطالية في المغرب، ادعت بمخالفة المدعى عليها للاتفاقية ما بين حكومة المغرب والحكومة الإيطالية المتعلقة بالحماية المتبادلة للاستثمار الموقعة في 18 يوليو 1990 "الاتفاقية".
على إثر إبرام وتنفيذ عقد بناء طريق السيار بين الشركة الوطنية للطرقات السيارة في المغرب وكونسوريوم RFCC ".
ثانيا: الوقائع
ـــ إن الشركة الوطنية للطرقات السيارة في المغرب (ADM) هي شركة مساهمة مغربية موضوعها الإنشاء والتعهد واستثمار الطرقات والأشغال العامة من خلال الإمتيازات الممنوحة لها من الدولة.
ـــ منح وزير الأشغال العامة في المغرب شركة ADM ، بإسم الدولة، الإمتياز لإنشاء واستثمار وصيانة الطريق السريع الذي يربط " الرباط بـــ فاس".
ــ لذلك أعلنت  ADM  عن استدراج عروض دولية بهدف إنشاء طريق رباط ــ فاس، وقد قدمت الشركات الإيطالية المنسبة إلى التجمع الإيطالي المذكور عرضا بتاريخ 28 أكتوبر 194 لوحتين : الوحدة  3A والوحدة3B .
ــ وقد فازت الشركات الإيطالية بالمناقصة المتعلقة بالوحدة 3B وفازت الشركات المغربية بالمناقصة المتعلقة بالوحدة 3A.
وقد تم إبرام الصفقة رقم 95/19 في خصوص الوحدة  3Bفي 19 مايو 1995 لمدة 26 شهرا.
ـــ وقد افتتح التجمع المؤلف من الشركات الإيطالية فرعا في المغرب تحت اسم "كونسورسيومRFCC " وسجل في السجل التجاري في الدار البيضاء بصفته "مؤسسة اشغال مختلفة أو بناء".
ــ بيد أن الصعوبات التي واجهها تنفيذ المشروع أدت إلى مناقشة بروتوكول من أمين عام دائرة في وزارة التجهيزات، مددت بموجبه مهلة إتمام الأشغال لغاية 31 ديسمبر 1997باستثناء محول "فاس" الذي عينت مهلة إتمامه في 28 فبراير 1998.
وقد تم التسليم المؤقت الجزئي في 14 أبريل 1998 وتم افتتاح الطريق السريع.
ووقع الفرقاء محضر استلام مؤقت للأشغال في 31 يوليو 1998.
وقد بلغت  ADMالمجمع مشروع ترصيد الحساب العام والنهائي غير أن المجمع رفض توقيعه، معتبرا أن هناك مبالغ عديدة ما زالت مستحقة له.
ـــ بتاريخ 28 سبتمبر 1999، طالبت  ADM بصرف لكفالة لأول طلب بصفتها الضمانة النهائية لتنفيذ من قبل التجمع والبالغة 8.201.187,87 درهما.
ثالثا: الإجراءات
طالب التجمع بما يلي:
- 287.590.965 درهما و 1.637.306 و,ن,أ (وحدة نقدية أوربية) مع الفوائد عن التنفيذ التعسفي للغرامات.
- إعادة المبالغ المدفوعة في صدد تنفيذ الكفالات المصرفية و 10.000.000 درهم بدل عطل وضرر.
- 40.000.000 درهم للتعويض عن الضرر الحاصل بسب المعاملة التمييزية المتمثلة في منحها الوحدة 3A فقط.
- عين "التجمع" الأستاذ برناردو كريسمان محكما وعين "المغرب" البورفيسور ابراهيم فض الله محكما. وعين المحكمان الأستاذ روبرت برينز رئيسا.
- أصدرت المحكمة قرارا حول الإختصاص بتاريخ 16 يوليو 2001 معتبرة نفسها مختصة لبت طلبات التجمع وغير مختصة بالنظر في أية مخالفة للعقد الوحيد المبرم بين التجمع و  ADM والتي لا تشكل في الوقت نفسه مخالفة للإتفاقيات الثنائية.
- في مذكرته الختامية، طالب "التجمع" المحكمة بما يلي:
قبول طلباته
الحكم له بما يطلبه والعطل والضرر بما يبلغ 72.186.174,35 يورو.
إلزام المغرب بدفع هذا المبلغ إلى التجمع.
إلزام المغرب بتحمل كامل مصاريف المحاكمة التحكيمية وأتعاب المحامين.
من جهة، طالب " المغرب" المحكمة بما يلي:
قبول اعتراضها.
رد كافة طلبات المدعية.
إلزام المدعية كافة مصاريف التحكيم وأتعاب المحاماة.
اختتمت المحاكمة في 6 اغسطس 2003.
بعد التداول، أصدرت المحكمة القرار الحاضر.
رابعا: المنــــــــــاقشـــــــة
1. ملخص مواقف الطرفين:
أـــ موقف التجمع:
- إن المجموعة الأولى من المطالب استندت إلى عدم إسناده الوحدة  3A واصفا ذلك بمطالبة خارجة عن إطار العقد، واعتبر التجمع أنه تمت معاملته بشكل تمييزي في حين كان العرض الذي قدمه في خصوص هذه الوحدة هو الأقل كلفة، فقد أسندت هذه الوحدة إلى تجمع مغربي لأسباب سياسية.
- وتكونت المجموعة الثانية من المطالب من طلبات أسماها المجمع الـــ "تعاقدية" وتتعلق بالتعويض عن التكاليف الزائدة بسبب " زيادة الكمية وتعديل طبيعة الأعمال" وتستند هذه المطالب إلى مخالفات الإدارة المغربية التعاقدية، والى زيادة تكاليف التنفيذ بسبب خروقات الحكومة.
إضافة الى أنه اعتبر الـــ ADM لم تحترم أحكام الصفقة المتعلقة بالأجر عن العديد من الأعمال.
وطالب التجمع بتطبيق أسعار جديدة أو تعديل بعض الأسعار.
- المجموعة الثالثة تتضمن مطالبة اسماها التجمع " تعاقدية ".
تتعلق بزيادة في المصاريف بنتيجة توقف العمل في الورشة وتدابير التعجيل المتتالية التي أثرت على العمل ضمن الفترة السابقة لتوقيع الملحق رقم 1 للعقد.
- وتتضمن المجموعة الرابعة مطالب أيضا "تعاقدية" تتعلق بما يلي:
1ــ تمديد مهل تنفيذ الأشغال:
بسبب تخلف الحكومة المغربية عن تنفيذ موجباتها التعاقدية، كان يحق للمدعية بتمديد مهل تنفيذ الاشغال. غير أن ADM لم تمنحها هذا التمديد بل طبقت عليها غرامات التأخير ولم تعوضها عن المصاريف الاضافية الناتجة من وجودها المطول في الورشة، وعن تدابير التعجيل من أجل تغطية التأخر.
وتطالب المدعية باسترداد غرامات التأخير والتعويض عن المصاريف الإضافية. 
2ــ الجزاءات التقنية التي طبقتها ADM:
ادلى التجمع بأن ADMطبقت جزاء تقنيا على تنفيذ طبقة من الطريق السريع بسبب الصعوبات التي واجهتها في تنفيذ الأشغال والمعزاة جزئيا الى المدعى عليها ولأن الرقابة على الطريق قامت بهاADMوحدها.
3ــ اقتطاع فوائد من قبلADMوعدم تحصيل الفوائد من قبل التجمع:
ادلى "التجمع" أن ADMاقتطعت فوائد على استرداد السلفة والتسديد المتوقع للحسابات.
غير أنه يعتبر على العكس أنه كان يحق له بفوائد تأخير بسبب دفعاتADMالمتأخرة والتحصيل المتأخر للربح التعاقدي.
4ــ تنفيذ الكفالات التعاقدية:
ادلى "التجمع" بأن ADM طالبت بتنفيذ الكفالات بصورة تعسفية ورفضت دون وجه حق تحرير الكفالات الأخرى التي اصدرها "التجمع".
وتتضمن المجموعة الخامسة مطالبة خارجة عن إطار وأحكام العقد تشير إلى أن تصرف المدعى عليها، من خلال ADMادى إلى انكار حقوق المتعهد والضغط عليه مما ادى الى خسارة الإستثمار.
في القانون، استند "التجمع" على المخالفات التعاقدية المرتكبة مباشرة من قبل المدعى عليها والناجمة عن عقد البناء، والتي تصرفت بموجبها ADM بصفتها وكيلة أو ممثلة للدولة، مما ادى الى الإضرار بالمدعية، وذلك بغض النظر عن أي خرق للإتفاقية الثنائية.
وفي أي حال، فإن الخروقات الجوهرية للعقد التي ارتكبتها الدولة المغربية، سواء مباشرة أو غي مباشرة من خلالADMتشكل خرقا للإتفاقية الثنائية.
وادلى "التجمع" بأنه بعيدا عن اعتبار المخالفة التعاقدية خرقا للإتفاقية الثنائية، فإن دولة المغرب قد خرقت العديد من موجباتها الناتجة من الإتفاقية الثنائية.
ويجب التقرير بأن أعمال ADMلمخالفة للإتفاقية الثنائية "تعزى" الى الدولة لأن ADMتعمل باسم ولحساب هذه الأخيرة.
ب- موقف المغرب:
- ادعى المغرب أنه ليس فريقا في عقد البناء المبرم بين ADMو "التجمع".
- واعتبر أن المخالفات التي ادعتها المدعية خالية من الدليل،وأنه لا يمكن التقرير من الناحية القانونية بأن أية مخالفة تعاقدية تشكل خرقا للإتفاقية الثنائية.
- وفي جميع الأحوال، فإن أعمال ADMلا تعزى إلى الدولة لأن ADMلم تستخدم صلاحيات السلطة العامة في علاقتها التعاقدية مع التجمع، وأن الدولة لم تلعب أي دور في التفاوض وتنفيذ العقد ولم تتدخل سوى لاحقا خلال مناقشاتها مع التجمع.
- واستطرادا، اعتبر "المغرب" أنه حتى في حال اعتبار المخالفة التعاقدية خرقا للإتفاقية، وبأن أعمال ADM تنسب الى الدولة، فإنه لم يتم إثبات أية مخالفة للعقد من قبل ADM.
2. تطبيق القرار حول الإختصاص
يتضح من قرار المحكمة حول الإختصاص أنها اعتبرت نفسها مختصة موضوعيا بالنظر في الطلبات في حدود استنادها الى مخالفة الدولة للإتفاقية الثنائية.
بمعنى آخر، فإن الإدلاء بمخالفة تعاقدية لا يدخل ضمن اختصاص المحكمة إلا إذا تم اعتبارها في نفس الوقت مخالفة للإتفاقية الثنائية، وسوف تبت المحكمة فقط المخالفات التي يمكن وصفها بمخالفات للإتفاقية الثنائية. وفي حال الإيجاب، يجب تقرير ما إذا كانت منسوبة الى الدولة من خلال تصرفات ADM.
3. مخالفة الإتفاقية الثنائية:
3.1. مماثلة المخالفة التعاقدية لمخالفة الإتفاقية الثنائية:
3.1.1. موقف التجمع:
- ادلى "التجمع" بأن العقد له طبيعة الإستثمار حسب مفهوم الإتفاقية الثنائية، ويستنتج أن كل مخالفة تعاقدية "جوهرية" تعتبر مخالفة للإتفاقية. وتعتبر المخالفة "جوهرية" بحسب جسامتها. وبالتالي، تعتبر المحكمة مختصة بالنظر في هذه المخالفة.
3.1.2. موقف المغرب:
ان مماثلة المخالفة التعاقدية لمخالفة الإتفاقية الثنائية هي مناقضة لمبادئ القانون الدولي العام وللإجتهاد التحكيمي.
3.1.3. قرار المحكمة:
- تعتبر المحكمة أنه ليس هناك مبدأ ضرورة مماثلة المخالفات التعاقدية لمخالفات اتفاقية الإستثمار الثنائية.
- بعكس ما ادلت به المدعية، فإن أحكام الإتفاقية الثنائية لا تفرض موجب المحافظة، الإستخدام والتمتع بالحقوق الناشئة عن العقد والتي هي على عاتق الدولة على الأراضي التي يحصل عليها الإستثمار، بل أنها تلزم الدولة بموجب المحافظة، الإستخدام والتمتع بالحقوق الناشئة عن العقد ضد كل تدبير غير مبرر او تميز به وليس المحافظة والتمتع بالحقوق التعاقدية. وبمعنى آخر، موجب عام بتأمين حسن تنفيذ العقد الذي يمنح الموجبات المنصوصة في الإتفاقية طابعا بيانيا بحتا.
وعليه، فإن الإتفاقية الثنائية لا تكرس مبدأ مماثلة المخالفة التعاقدية لمخالفة الإتفاقية.
- وأن هذه المماثلة مرفوضة من قبل الإجتهاد التحكيمي أمام مركز الـــ ICSID الذي يميز بوضوح بين المخالفة التعاقدية ومخالفة الإتفاقية.
علاوة على ذلك،فإن الفقه التحكيمي يميز أيضا بين المخالفين.
- وبذلك، يكون التجمع مخطئا في اعتباره أن ادراج عقد البناء في صف الإستثمارات المحمية يكون دون أي معنى إذا كانت المطالبات الناتجة منه لا تستفيد من حماية الإتفاقية الثنائية. لأن عقد البناء محمي شأنه شأن باقي الإستثمارات من التمييز أو المصادرة.
- وعليه، فإن مطالبات المدعية يجب أن تكون مستندة إلى مخالفة فعلية للموجبات المنصوص عليها في الإتفاقية الثنائية.
3.2. مخالفة الموجبات المحددة في الإتفاقية الثنائية:
3.2.1. المخالفات المزعمة من التجمع:
إن المخالفات التي ادعى بها التجمع هي:
بالاستناد الى المادة 2(2) من الإتفاقية أي مخالفة موجب تأين معاملة عادلة ومنصفة بسبب كافة تصرفت "المغرب" و/أو ADM، وذلك بسبب الإمتناع عن حقائق الحق الذي ارتكبه "المغرب" بوجه مطالب "التجمع".
بالإستناد الى المادتين (2)2 و 3 من الإتفاقية أي مخالفة موجب عدم التمييز، وذلك عدم اسناده الحدة رقم A 3.
بالإستناد إلى المادة (1)4 من الإتفاقية أي مخالفة موجب التعويض عن الخسائر، وذلك بسبب رفض التعويض للتجمع عن الأضرار الناتجة من رداءة الطقس الإستثنائية.
بالإستناد إلى المادة 5 من الإتفاقية أي مخالفة القواعد المتعلقة بالمصادرة، وذلك بسبب تنفيذ الجزاءات والكفالات التعاقدية. وعليه، على المحكمة أن تحدد ما إذا خالفت الدولة، مباشرة أةو من خلال ADM موجباتها الناتجة من الإتفاقية، والتي قد تنتج أيضا من مخالفة للعقد.
3.2.2. تفسير الأحكام المادية للإتفاقية:
3.2.2.1. المادة (2)2 من الإتفاقية أي موجب المعاملة العادلة والمنصفة:
وينبغي تفسير هذه المادة في ضوء مقتضيات الإتفاقية، ولا يمكن تفسير تشجيع الإسثمارات على أنه على الدولة احترام مجمل الإلتزمات الملقاة على عاتق التعاقد عندما تكون طبيعة الإستثمار تعاقدية.
- ولا يحق للدولة أن تخضع استثمارات الدولة المعاقدة أو أحد مواطينها لنظام أقل منفعة من القانون الساري المفعول.
وعليها أن تؤمن للمستثمرين الأجانب، معاملة عادلة ومنصفة وأن تحميهم من أية تدابير غير مبررة أو تمييزي، أي بعدم معاملة المستثمر الأجنبي معاملة أقل نفعا من معاملة مستثمر آخ، سواء لسبب سياسي أو بدون سبب.
إن تعريف المعاملة العادلة والمنصفة يستند إما إلى منح المستثمرين الأجانب معاملة متناسبة مع مقياس القانون الدولي أي حماية الحقوق الشخصية والإجرائية الأساسية وحماية شخص المستثمر وأمواله من التعديات غير المبررة أو التمييزية من قبل الدولة لمضيفة، وإما بالإستناد إلى مبادئ العدالة والإنصاف عامة.
ويمكن اذن للمحكمة ان تقرر ان الدولة تعاملت بشكل غير عادل وغير منصف حتى في غياب الامتناع عن اخفاق الحق وانكار حق ظاهر دون أي مبرر.
 غير انه من اجل تقرير مخالفة موجب المعاملة العادلة والمنصفة، يجب ان تكون الدولة قد استعملت الامتيازات السلطة العامة بحيث يتعدى تصرف الدولة حدود تصرف المتعاقد العادي.

3.2.2.2. المادة 3 من الاتفاقية: بند الدولة الأكثر رعاية والمعاملة الوطنية.
وهو الموجب الملقى على عاتق الدولة المضيفة بعدم منح استثمارات مواطني الدولة المتعاقدة معاملة اقل نفعا من تلك الممنوحة لمواطنيها او الى مواطني دولة أخرى ودلك وقف ما هو منصوص صراحة في المادة الثالثة من الاتفاقية الثنائية.
3.2.2.3. المادة 4 من الاتفاقية الثنائية: التعويضات عن الاضرار او الخسائر.
تنص هذه المادة على انه في حال تكبدت استثمارات أحد المتعاقدين اضرارا بسبب الحرب النزاعات المسلحة حالات الطوارئ او اية حوادث مماثلة على أراضي الفريق المتعاقد الاخر يترتب لها التعويض العادل والملائم عن الخسارة المتكبدة.
وتكمن الصعوبة في تحديد ماهية عبارة "الحوادث المماثلة" وتعتبر المحكمة انه من الواضح ان هذه العبارة تعني الحوادث من النوع السياسي اس حالة عدم الأمان السياسي او الاجتماعي التي من شانها ان تؤثر على الوضع الاقتصادي للدولة وبالتالي الاستثمارات.
ولا تعتبر المحكمة ان هده العبارة تشمل حالات القوة القاهرة.
3.2.2.4. المادة 5 من الاتفاقية الثنائية: التأميم او المصادرة.
  وتنص هده المادة على انه ليس لمستثمري الفريقين المتعاقدين ان يتخذوا تدبيرا دائما او مؤقتا من شانه الحد من حق الملكية التصرف الرقابة او الانتفاع من استثمارهم الا في حال نصت القوانين والأنظمة السارية المفعول او الاحكام القضائية على خلاف ذلك.
وتنص أيضا بانه لا يمكن تأميم او مصادرة او اتخاذ تدابير ذات اثار مماثلة للتأميم او المصادرة على أراضي الفريقين المتعاقدين الا في سبيل المصلحة العامة او بناء على تدبير قانوني على أساس غير تمييزي وشرط ان يتم التعويض عن ذلك بشكل فوري عادل وملائم.
من اجل تفسير عبارة تدابير ذات اثار مماثلة على المحكمة ان تميز بين حق الملكية موضوع المصادرة المباشرة والمصادرة الغير المباشرة.
حق الملكية موضوع المصادرة 
تعتبر المحكمة ان الحقوق الناشئة عن عقد يمكن ان تكون موضوع مصادرة طالما ان هذا العقد قد تم وصفه بالاستثمار في الاتفاقية.
التدابير ذات الاثار المماثلة للمصادرة:
ما يتعلق بطبيعة التدبير المتخذ اعتبر اجتهاد المحاكم التحكيمية ان أي تصرف يمكن اعتباره تدبيرا وليس فقط الاعمال التشريعية مثل مجرد الإعلان عن تبني قانون جديد او مجرد تدخل الدولة المضيفة في حقوق المستثمر الذي قد يؤدي الى حرمانه الى كل او جزء استثماره، او رفض الدولة منح رخصة بناء.
وتنضم المحكمة الحاضرة الى هذا الاجتهاد علما ان هده التدابير اتسمت بالطابع الانفرادي واتخذت بموجب امتيازات السلطة العامة.
من اجل توجب التعويض، يجب على الشخص الدي صودرت حقوقه ان يثبت انه قد اتخذت تدابير بحقه من قبل الدولة بصفتها سلطة عامة وليس بصفتها التعاقدية، بحيث ان الاجتهاد التحكيمي يعتبر ان الدولة "تنفذ" العقد بصفتها "متعاقدة" و"تتدخل" في ممارسة المستثمر لحقوقه الاقتصادية في حالة المصادرة الغير المباشرة.
فيما يتعلق بأثار التدبير، يجب ان تكون اثار التدابير المتخذة ذات أهمية معينة من اجل وصفها بتدابير مماثلة للمصادرة. ان مصادرة المال او الحق يتمثل بضياع سند الملكية او على الأقل حق الانتفاع منه او الوصول اليها.
وليشترط ان يكون هدا الضياع دائما بحيث انه يمكن للتدبير المؤقت ان يؤدي الى اثار جسيمة مماثلة للخسارة النهائية للحقوق.
التفسير المعتمد من المحكمة:
تذكر المحكمة انه يمكن لكافة الحقوق الناشئة عن عقد ان تنون موضوع تدبير مماثل للمصادرة شرط:
ان يتخذ ضمن أطار امتيازات السلطة العامة وليس ضمن إطار ممارسة حق منصوص عليه في العقد.
ان تنتج منه اثار ذات جسامة اكيدة تؤدي الى الانتقاص و/او خسارة المنافع المتوقعة شرعا من استغلال الحقوق موضوع التدبير المذكور الى حد يجعل حيازة هذه الحقوق خالية من المنفعة.


3.2.3. تطبيق احكام الاتفاقية الثنائية على طلبات المدعية:
3.2.3.1. مخالفة موجب عدم التمييز: 
- ادلت المدعية انه كان من الأهمية لها ان ترسو المناقصة عليها بشأن الوحدتين 3A و3B.وان إرساء المناقصة على "اتجمع" المغربي بشأن الوحدة 3B وإرساء المناقصة على التجمع المغربي بشأن الوحدة 3A حصل لأسباب سياسية وبصورة تمييزية. وان نظام استدراج العروض نص على تقديم العروض بالعملة الأجنبية وكان استدراج العروض عالميا مما يستحيل على الشركات الأجنبية تقديم عروضها بالدرهم المربي.
- ادلى "المغرب" ان المدعية لم تثبت ان إرساء المناقصة على التجمع المغربي حصل لأسباب سياسية. في الواقع حصل هدا الاختيار بهدف تخفيض المخاطر المالية. وان العرض المغربي المقدم بالدراهم شكل عنصرا من اليقين المالي، إضافة الى بعض العوامل التقنية التي تتعلق بالمخاطر حول الترقيم الوارد في عرض المدعية بحيث كل جزء مرقم بالدرهم والأخر بالعملة الأجنبية.
- تعتبر المحكمة انه ليس هناك اي دليل حول اتجاه نية ADM نحو تفضيل التجمع المغربي على حساب التجمع الايطالي في اسناد الوحدة 3A لأسباب سياسية.
غير انه حتى في حال غياب التصرف التمييزي العمدي، يمكن ان تحصل مخالفة لموجب عدم منح المستثمرين الأجانب معاملة اقل نفعا من المستثمرين المحليين، مثلا في حال كان التمييز في المعاملة مستندا الى اسباب ومعايير خالية من الاساس الواقعي.
- الا ان المحكمة تعتبر ان الأسباب التي اعتمدتها ADM مقبولة ومتوافقة مع احكام الاتفاقية أنظمة المناقصة. لدلك لا توجد اية مخالفة لموجب عدم التمييز الوارد في الاتفاقية.
3.2.3.2. مخالفة التعويض عن الخسائر والاضرار: 
-ادلت المدعية ان رداءة الطقس أدت الى توقف متكرر للعمل في الورشة في فترة حساسة خلال تنفيذ الاشغال. وقد رفضت المدعي عليها التعويض للمدعية عن التكاليف الإضافية التي تكبدتها بسبب هذا التوقف المتكرر وبسبب تدابير التعجيل التي اتخذتها.
-انكرت المدعى عليها الطابع الاستثنائي لرداءة الطقس وادلت بان دفتر الشروط الخاصة ينص على ان رداءة الطقس لا يمكن ان تعطي الحق في التعويض من قبل المتعهد ولا بتمديد المهلة.
فضلا عن ان توقف العمل المتكرر يعزى الى المدعية التي لم تلتزم بواجب اتخاذ اية تدابير للحد من نتائج الامطار الموسمية.
-من اجل اتخاد قرارها، على المحكمة ان تحدد ما اذا كانت "رداءة الطقس" تدخل ضمن الاضرار الناجمة عن الحروب والنزاعات المسلحة وحالات الطوارئ او اية حوادث مماثلة حسب المادة (1)4 من الاتفاقية.
وبحسب تفسير المادة (1)4 من الاتفاقية لا تعتبر رداءة الطقس من الحالات المنصوصة في المادة المذكورة حتى لو كانت استثنائية.
وان الدولة المضيفة لم تلتزم بالتعويض عن الأضواء او الخسائر الناتجة عن هده الحالة.
وبالتالي فان مطالبة المدعية بالتعويض عن الاضرار الناتجة منها لا يمكن ان يدخل ضمن نطاق المادة 4 من الاتفاقية.
3.2.3.3. مخالفة الاحكام الخاصة بالمصادرة: 
- وتختص بمطالب المدعية المتعلقة بتطبيق غرامات التأخير وتفيد الكفالات التعاقدية.
حسب احكام الصفقة، يجب تحرير الكفالة النهائية بعد ثلاثة أشهر من استلام الاشغال النهائي، أي بعد سنة من الاستلام المؤقت الى حد اقصى. اما كفالة استبدال الجزء المحجوز من الكفالة فيجب تحريرها بتاريخ استلام الاشغال النهائي.
- ادلت الجمعية بان المدعي عليها تعسفت في استعمال حقها في تنفيذ الكفالات وغرامات التأخير مما يشكل مصادرة غير مباشرة لحقوق المسامر حسب المادة 5 من الاتفاقية. وصرحت بان التأخير في التسليم لم يكن بسببها بل بسبب ADM ورداءة الطقس الغير المتوقعة.
وكان يحق للمدعية في تمديد المهل ولا يكون بالتالي حبس ADM لغرامات التأخير مبررا.
أما بالنسية الى الكفالات التعاقدية، فقد رفضت ADM دون مبرر شرعي اعلان استلام الاشغال النهائي وبالتالي تحرير الكفالات في حين كانت العيوب الموجودة في البناء التي تذرعت بها ADM ضئيلة لا تمنع الاشغال غير المنفذة من الاستلام النهائي.
فضلا عن ان طلب تنفيذ الكفالة النهائية على كامل المبلغ غير متناسبة مع الاضرار التي قد يتكبدها رب العمل من عيوب البناء المزعومة.
وأخيرا، ادلت المدعية بأن تطبيق غرامات التأخير وحبس الكفالة التعسفية حرمها من المنفعة المشروعة المنتظرة من العقد مما يجعل هذه التدابير تشكل مصادرة خلافا لأحكام المادة 5 من الاتفاقية. 
- ادلى المدعى عليه ان المدعية لم يكن لها الحق في تمديد المهلة وان حق رب العمل في تطبيق بند غرامات التأخير منصوص عليه صراحة في الملحق رقم 1 للعقد والمادة 36 من دفتر الشروط. اما فيما يتعلق بالكفالات العقدية فقد تصرفت ««وفقا لأحكام العقد ولم ترتكب أي تعسف في هدا الصدد. وان المبلغ المطالب به في تنفيذ الكفالة متناسب مع الموجبات العقدية الغير المنفذة.
ويتسم تنفيذ هده الكفالات بالطابع المؤقت مما ينفي اعطاءه صفة المصادرة.
وفي أي حال فان المدعية لم تثبت اية مخالفة للاتفاقية الثنائية بل ان ما ادعت به مسند الى صعوبات في تنفيذ العقد ذات طبيعة تجارية بحثه.
- على المحكمة ان تحدد أولا ما ادا كان تنفيذ غرامات التأخير والكفالات يعتبر تدبيرا مماثلا للمصادرة وما ادا كان قد تم بموجب امتيازات السلطة العامة وثانيا ما ادا أثر هدا التدبير على استثمار المدعية بشكل جسيم.
بالنسبة للمعيار الأول تعتبر المحكمة ان تنفيذ الغرامات والكفالات هي امتيازات منصوص عليها في العقد. وفي هدا الإطار لم تستعمل ADM امتيازات السلطة العامة.
وان كافة مطالب المدعية المتعلقة بالمادة 5 من الاتفاقية المسندة الى أساس تعاقدي بحت في حين ان مزاعم المدعية المتعلقة بمخالفة الدولة و/او ADM للعقد حتى في حال حصولها لا تشكل مخالفة للمادة 5 من الاتفاقية. ان المخالفة في تنفيذ العقد المضرة بمصالح المتعاقد لا تشكل المصادرة. ويتعلق الامر بنزاع حول العقد وليس بمصادرة.
وبالتالي، لا يمكن وصف تطبيق غرامات التأخير التعاقدية أو تنفيذ الكفالات العقدية بتدبير مماثل للمصادرة.
وعليه، ليس من الضروري البحث في الشروط الباقية الواجب توافرها من اجل تطبيق المادة 5 من الاتفاقية.
وبالتالي، ينبغي رد هذا الطلب المستند الى المادة 5 من الاتفاقية.
3.2.3.4. مخالفة موجب المعاملة العادلة والمنصفة:
- تعتبر المحكمة ان زعم المدعية هذا لا يتضمن مطالبة بتعويض معين بل اثير من اجل دعم مجموعة مطالبها بهدف اثبات وجود مخالفة للمادتين 2 و3 من الاتفاقية الثنائية؛ وسوف تتطرق المحكمة الى زعم المدعية المتعلق بالامتناع عن احقاق الحق وفقا للمادة 2 من الاتفاقية ثم تنتقل الى التأكد ما اذا تم احترام المادة 3 من الاتفاقية.
3.2.3.4.1. الامتناع عن احقاق الحق:
موقف الطرفين:
- أدلت المدعية بأن رئيس ال ADM ووزير التجهيز ارتكب امتناعا عن احقاق الحق في رفضه الجواب عن مذكرة المطالبة التي قدمت اليه من قبل المدعية بناء على المادة 51 من دفتر الشروط، مما يثبت سوء نية من قبله.
- أما المدعى عليها فقد ادلت بأن المادة 51 المذكورة لا تلزم الوزير بتقديم جواب وان غياب الجواب في هذه الحالة يساوي بكل بساطة رفضا للمطالبات، ولا يوجد اي امتناع لاحقاق الحق.
- تعتبر المحكمة انه بناء على المادة 51 من دفتر الشروط، ان عدم الجواب يشكل امكانية معترف بها لصالح الوزير وتساوي رفضا للمطالب في الأساس.
وان مبدأ اعتبار عدم الجواب رفضا هو مبدأ معترف به في القانون الاداري، وبالتالي يكون الوزير قد استعمل حقا منحه اياه العقد ولا يشكل ذلك امتناعا عن احقاق الحق.
اما بالنسبة الى الزعم ان الادارة المغربية تصرفت بسوء نية اتجاه مطالب المدعية، فإنه لم يقدم اي اثبات في هذا الخصوص.
وعليه، فإنه من غير المزعوم او المثبت ان الوزير عامل المدعية بصورة تمييزية بالنسبة الى باقي المستثمرين المغربيين أو الاجانب بمجرد عدم الجواب عن مذكرة المدعية، وبالتالي تكون المدعية فشلت في اثبات اية مخالفة للمادتين 2 و3 من الاتفاقية الثنائية.
علاوة عليه، فإن رفض ADM والوزير اساس مطالب المدعية التعاقدية لا يشكل بحد ذاته معاملة غير عادلة وغير منصفة تشكل مخالفة للاتفاقية، ولا يمكن للمحكمة ان تعتبر ان اي رفض لمطلب تعاقدي حتى لو كان مبررا يشكل حكما مخالفة للاتفاقية الثنائية.
3.2.3.4.2. المجموعة الاولى: مطالبة متعلقة بعدم اسناد المدعية الوحدة 3A:
-اعتبرت المحكمة اعلاه ان عدم اسنادة الوحدة 3A للمدعية لا يشكل مخالفة للمادة 3 من الاتفاقية الثنائية على اساس موجب عدم التمييز.
وقد تبين ايضا بأن قرار اسناد هذه الوحدة الى تجمع مغربي استند الى معايير موضوعية وليس الى اسباب سياسية او تمييزية.
بالتالي، فإن عدم اسناد الوحدة 3A الى المدعية لا يخالف موجب المعاملة العادلة والمنصفة الملقى على عاتق الدولة المضيفة.
وعليه، لا يوجد اية مخالفة لأحكام المادة (2)2 من الاتفاقية الثنائية مما يستوجب رد طلب المدعية لهذه الجهة.
3.2.3.4.3. المجموعة الثانية: الطلبات المتعلقة بالتعويض عن التكاليف الاضافية بسبب زيادة كمية الاشغال وتعديل طبيعتها:
-  تستند هذه الطلبات عموما الى الزعم بأن الحكومة المغربية لم تحترم موجباتها التعاقدية بما فيها التأخير في تسليم موقع العمل، وعدم دفع الاجرة او دفعها بشكل خاطئ...
- تعتبر المحكمة ان هذه المطالب تنحصر ضمن فئة المطالب التعاقدية التي لا يمكن النظر فيها في هذا التحكيم الا اذا شكلت في نفس الوقت مخالفة لأحكام الاتفاقية.
- وحتى في حال افتراض ان المخالفات التعاقدية المزعومة من قبل المدعية ثابتة، فإنه لم يتم اثبات اعمال امتيازات السلطة العامة ولا تؤدي الى وضع اهداف الاتفاقية في خطر.
ان موقف ADM و/أو "المغرب" يمثل وضعا فيما بين رب العمل ومقاول البناء.
ولم تثبت المدعية ان مخالفات "المغرب" التعاقدية وصبت الى قدر من الاهمية بحيث شكلت خرقا للمادة (2)2 من الاتفاقية الثنائية.
وعليه، فإن المخالفات المزعومة من قبل المدعية، وحتى لو كانت مثبتة، لا تشكل مخالفة لموجب تأمين معاملة عادلة ومنصفة وفقا للمادة (2)2 من الاتفاقية وتكون المجموعة الثانية من طلبات المدعية مستوجبة الرد.
3.2.3.4.4. المجموعة الثالثة: الطلب المتعلق بالتعويض عن التكاليف الاضافية الناجمة عن رداءة الطقس والمسماة بالاستثنائية لأنها أثرت على الفترة السابقة لتوقيع الملحق رقم 1 للعقد:
لقد بحثت المحكمة في هذه النقطة في ضوء المادة 4 من الاتفاقية ورفضت قبول الطلب بشأنها .
- ويبقى ان تحدد المحكمة ما إذا كان التعويض الناتج منها يشكل مسألة تعاقدية بحتة.
- وتلاحظ المحكمة ان رفض "المغرب" و/أو ADM أداء التعويض للمدعية عن التكاليف الاضافية التي قدمتها يستند الى اسباب واقعية ناشئة عن الحالة الواقعية واحكام العقد.
وهكذا بالنسبة الى الطابع الاستثنائي لرداءة الطقس وقد ادلت المدعى عليها بأحكام تعاقدية من اجل تبرير رفض هذا الطلب، اضافة الى ان الاعتراض على سوء تنفيذ المدعية لواجباتها التعاقدية لا يظهر خاليا من الاساس؛ وان خلاف الطرفين حول وجود ونتائج رداءة الطقس لا يتعدى الاطار العادي لنزاع تعاقدي بحت ما بين رب العمل والمقاول.
ولم يتم اثبات وجود اي ظرف خاض يؤدي الى ان تعزى الى المغرب مخالفة لموجب تأمين معاملة عادلة ومنصفة وبشكل خاص، فإن واقعة ان ADM ابلغت المدعية انذارات بهذف تعجيل الاشغال لا تجعلها بمثابة التدابير المتخذة بموجب امتيازات السلطة العامة بل ضمن اطار تنفيذ العقد وتخضع لاحكام دفتر الشروط، ولا يدخل في اختصاص هذه المحكمة النظر فيها لأن الدولة، من خلال ADM لم تخرج عن دورها كمتعاقدة.
3.2.3.4.5. المجموعة الرابعة: الطلبات المتعلقة بتطبيق غرامات التأخير وتنفيذ الكفالات التعاقدية:
- وقد تم البحث في هذه الطلبات بناء على المادة 5 من الاتفاقية، وقد اعتبرت المحكمة ان تطبيق غرامات التأخير وتنفيذ الكفالات التعاقدية حتى لو اعتبرت فرضا انها مخالفة لأحكام العقد، لا تعتبر بمثابة تدابير مماثلة للمصادرة حسب مفهوم المادة 5 من الاتفاقية طالما انها لم تمارس وفقا لامتيازات السلطة العامة.
وتكون كذلك الحال بالنسبة الى مخالفة موجب المعاملة العادلة والمنصفة الذي يعاقب، شأنه شأن المادة 5، التصرفات التي يمكن للسلطة العامة فقط القيام بها.
واعتبرت المدعية ان السلطة المغربية انزلت بها غرامات التأخير ونفذت الكفالات بصورة تعسفية، بهدف الضغط عليها من اجل الرجوع عن طلباتها.
فيما يتعلق بغرامات التأخير، تعتبر المحكمة انه من حق رب العمل المطالبة بها بموجب العقد.
وان مسألة ما اذا كان يحق لرب العمل الاحتفاظ بمبلغ هذه الغرامات او ما اذا كان للمدعية ان تطالب بتمديد مهل التنفيذ الى ما هنالك، فإنها مسائل تعاقدية بحتة.
وحتى في حال الاقرار بأنه كان للمدعية الحق في تمديد المهل فإن ذلك لا يعني ان انكار هذا الحق التعاقدي يشكل في الوقت نفسه مخالفة للمادة (2)2 من الاتفاقية الثنائية، ولا ينبغي ان تبحث المحكمة بطريقة مفصلة في عدم تنفيذ الموجبات التعاقدية فيما بين الطرفين، بل عليها ان تتأكد ما اذا احترمت المدعى عليها موجباتها الناشئة عن الاتفاقية الثنائية.
وفي هذا الصدد فإن رفض ADM تمديد مهل التنفيذ وبالتالي تطبيق غرامات التأخير لا تعتبر قرارات خالية من المبرر الموضوعي، صادرة عن ارادة منفردة وبصورة اعتباطية.
في الواقع، ان خلاف الطرفين لا يتعدى الاطار العادي لنزاع تعاقدي بين رب العمل والمقاول.
بشكل خاص، فإن زعم المدعية ان زيادة المدعى عليها غرامات التأخير بهدف الضغط عليها و"معاقبتها" يظهر خاليا من الاساس.
وفي ضوء ظروف القضية، لا يمكن للمحكمة الاستنتاج بأن وضع بيان حسابي عمومي ونهائي وحساب غرامات التأخير ناتج من مناورة "تعسفية واحتيالية" من قبل ADM  كما زعمته المدعية.
وتعتبر المحكمة انه لم يتم تقديم اثبات على التصرف المخالف لموجب تأمين معاملة عادلة ومنصفة الملقى على عاتق الدولة فيما يتعلق بغرامات التأخير.
- أما فيما يتعلق بالكفالات التعاقدية، فإن المحكمة تعتبر ايضا ان رب العمل مارس امتيازا منصوصا عليه في العقد، علما ان تحديد ما اذا كان تنفيذ الكفالات كان مبررا ام لا هو مسألة تعاقدية بحتة.
ويكون لقاضي العقد ان يحدد ما اذا كان طلب تنفيذ الكفالات مستندا الى اساس صحسح من حيث المبدأ والكمية.
- وخلافا لما ادلت به المدعية، لا شيء يثبت ان ADM  تصرفت دون مبرر موضوعي وبصورة اعتباطبية، بهدف الاضرار بالمدعية او الضغط عليها.
اضافة الى ان المدعية لم تكن محرومة من اي طعن ضد تنفيذ الكفالات بل كانت المحاكم المغربية صالحة لبت هذه النزاعات بهدف استرداد المبالغ المحجوزة.
وقد فازت المدعية امام محكمة الدرجة الاولى لكنها خسرت امام محكمة الاستئناف.
- وعليه فإن زعم المدعية بأن المبالغ المطالب بها في تنفيذ الكفالات كانت غير متناسبة مع مبلغ الضرر الذي تكبده فعلا رب العمل غير مجد.
وحتى في حال اعتبار هذه المبالغ مبالغا فيه فيكون للقاضي المغربي ان يبت ذلك.
وعليه، لا يشكل ذلك خرقا من قبل المدعى عليها للمادة (2) 2 من الاتفاقية الثنائية لأن المدعية مارست حقها واستنفذته من اجل استرجاع مبالغ الكفالات التي تتجاوز قيمة الضرر الحاصل فعلا.
- في هذه الظروف لا ترى المحكمة اي خرق من قبل المدعى عليها لموجب تأمين معاملة عادلة ومنصفة لدى تنفيذ الكفالات التعاقدية.
3.2.3.4.6. المجموعة الخامسة: الطلب المتعلق بإخراج المدعية من السوق المغربي:
- أدلت المدعية أن تصرفات المدعى عليها شكلت انكارا لحقوق المقاول وخاصة فيما يتعلق بالأجور الاضافية وتمديد مهل التنفيذ وقد مارست ضغطا على المدعية من اجل حملها على التنازل عن طلباتها، مما ادى الى حرمان المدعية من استثمارها في المغرب واجبرها على تصفية مؤسستها على خسارة.
- ادلت المدعى عليها بأن هذا الطلب غير وارد في طلب التحكيم وبالتالي لا يجب قبوله.
وفي اي حال، فإن هذا الطلب مستند الى حجج غير مبررة ولا تشكل مخالفة للاتفاقية الثنائية. 
وتحديدا، فإن المدعية لم تقدم اي اثبات على ان مؤسستها في المغرب لم تكن مؤقتة فقط بهذه بناء الوحدة 3B من الطريق السريع.
- تلاحظ المحكمة من لوائح المدعية ان هذا المطلب هو في الواقع تكرار لمجموعة مطالبه المحددة الآيلة الى ان استثمار المدعية اصبح معدوما بسبب تصرفات المدعى عليها و/أو ADM؛ إلا ان المحكمة لم تستطع اثبات اية مخالفة للاتفاقية من قبل المدعى عليها.
- فقد ادلت المدعية ان مجموعة اعمال وتصرفات المدعى عليها تؤكد نية المدعى عليها المتعمدة الى الاضرار بالمدعية عن طريق حرمانها من استثمارها.
- غير ان المحكمة ترى انه لم يقدم اثبات حول نية المدعى عليها المتجهة الى اخراج المدعية من السوق المغربي وبقصد الاضرار بها، ولا حول اي تصرف تمييزي تجاه المدعية سواء وفقا للمادة 2 او 3 من الاتفاقية.
- وهنا ايضا تستنتج المحكمة ان الخلاف الناشئ بين الفريقين لا يتعدى كونه خلافا تعاقديا بين رب العمل والمقاول علما انه لم يقم الدليل على اي خرق للاتفاقية وتحديدا لموجب المعاملة العادلة والمنصفة.
ويجدر التذكير بأن اتفاقية حماية الاستثمارات لا تؤدي الى التعويض على المستثمر الخاسر الا اذا اثبت هذا الاخير ان خسارته ناشئة عن عمل الدولة المضيفة التي خالفت بتصرفاتها موجباتها الناشئة عن الاتفاقية، وهذا ما لم يتم اثبااته في هذه القضية.
4- عزو مخالفة الاتفاقية الثنائية الى دولة المغرب:
تعتبر المحكمة انه حيث انه لم تترتب المخالفات المزعومة للاتفاقية الثنائية، تصبح مسألة عزوها الى المدعية دون موضوع.
5- الخلاصة:
- يترتب على القرار حول الاختصاص ان لا تدخل ضمن اختصاص المحكمة المخالفات العقدية الناشئة فيما بين المدعية وADM الا اذا شكلت هذه المخالفات اخلالا بالاتفاقية الثنائية.
- الا انه تبين للمحكمة ان الواقعات المدلى بها من قبل المدعية، فرضا انها مثبتة، لا تشكل مخالفة للاتفاقية الثنائية من قبل المدعى عليها وعليه، فتكون طلبات المدعية مستوجبة الرد.
خامسا: تكاليف التحكيم
- تقرر المحكمة بأن يتحمل كل فريق اتعاب محاميه ومصاريفه الناجمة عن هذه المحاكمة.
- ويتحمل كل فريق مصاريف واتعاب اعضاء المحكمة ومصاريف المركز بالتساوي في ما بينهما.
سادسا: القرار
بناء على الاسباب المستعرضة سابقا، تقرر المحكمة:
1. رد كافة طلبات المدعية؛
2. الزام الفريقين بتسديد مصاريف التحكيم بالتساوي فيما بينهما؛
3. ان يتحمل كل فريق اتعاب محاميه ومصاريفه الناجمة عن هذه المحاكمة؛
4. رد باقي الطلبات.
مكان التحكيم: باريس
الأستاذ روبرت برينر
الاستاذ برتاردو كريمادس
البروفيسور ابراهيم فضل الله
تعليق
كانت الشركة المغربية الوطنية للطرق (شركة مساهمة) قد اتخذت غرضا لها اقامة وصيانة واستغلال الطرق السريعة Autoroute من خلال امتياز ممنوح لها من الدولة، وفي هذا الاطار عهدت اليها وزارة الاشغال العامة العامة بانشاء واستغلال وصيانة جزء من القسم الخاص بطريق الرباط- فاس (يصل ما بين العاصمة السياسية والعاصمة العلمية). واصدرت الشركة في غشت 1994 دعوة دولية لتقديم عطاءات تقدم فيها الكونسورتيوم الايطالي طالبا اسناد جزأين من المشروع هما شرق مدينة مكناس (منتصف الطريق) ومكناس شرق فاس . وتم التعاقد وافتتح الكونسورتيوم فرعا له بالمغرب وسجل في السجل التجاري.
وخلال عام 1997 ثارت خلافات بين الطرفين، مما ادى الى اجراء مفاوضات اسفرت عن ابرام بروتوكول تضمن مد مدة التنفيذ وفي العام التالي تم تعديل يسير على العقد وعند اتمام مرحلة من الطريق تم افتتاحها واطلاق السيارات فيها على اساس استلام مؤقت. وأعقب ذلك في عام 1999 توقيع غرامات على الكونسورتيوم وتقديم الدعوى ضد المملكة المغربية الى مركز اكسيد "سيردي بالفرنسية" طالبا فيها الزامها بأداء مبالغ فرضت عليها، مع فوائدها، باعتبارها غرامات تعسفية، ورد قيمة خطابات الضمان البنكية التي تم تسييلها، واخيرا دفع مبلغ بصفة تعويض عن الضرر الذي اصاب الطرف الطلياني نتيجة ما رآه معاملة تمييزية ضده وعما أسماه انكار العدالة.
وفي حكم جزئي بشأن الاختصاص قضت محكمة التحكيم بأنها مختصة بنظر طلبات الكونسورتيوم مع توضيح انها غير مختصة بالطلبات التي يتضح أنها ناشئة عن العقد، ولكنها لا ترقى الى مرتبة المساس بالاتفاقية الثنائية بين المغرب وايطاليا. وابقت الفصل في المصروفات لحين اصدار الحكم النهائي.
وتركت محكمة التحكيم للاطراف تبادل المذكرات والرد المتبادل وتقدم الكونسورتيوم بنوعين من الادعاءات الاول يتعلق بكون الكونسورتيوم تقدم بعطاء لمرحلة من المشروع أطول من التي عهد اليه بها عند البت، بينما اسندت المرحلة التي يطالب بها الى مجموعة شركات مغربية مما اعتبره الكونسورتيوم تمييزا ضده في المعاملة، والجانب الثاني من الادعاءات يتعلق بمطالبات تعاقدية خاصة بزيادة كم العمل وتغيير طبيعة المشروع أثناء التنفيذ، وأدرج في هذا الجانب واحد وعشرين وجها للمطالبة بحثتها محكمة التحكيم كلها وانتهت الى ان اختصاص اكسيد غير متحقق حيث انه لا يوجد اي مساس بالاتفاقية الثنائية بين الدولتين وانه لم يثبت سوء نية في جانب الاشخاص المعنوية المغربية ذات العلاقة ولا وجود لاي تمييز عنصري وانتهت الى رفض دعوى الكونسورتيوم وقسمت المصاريف بين الطرفين على ان يتحمل كل طرف مصاريف واتعاب مستشاريه ودفاعه.
وفي مناقشة المحكمة التحكيمية لادعاءات الكومنسورتيوم بأن تحكم باختصاصها بنظر المخالفات التعاقدية المدعى بها ضد الحكومة المغربية بصرف النظر عن وجود او عدم وجود مخالفة للاتفاقية الثنائية استنادا الى الحكم الجزئي الصادر من قبل وذلك في حالة ما اذا اصبحت المملكة المغربية طرفا في الدعوى حيث ان الحكم الجزئي لم يحسم هذه النقطة ذلك ان المملكة هي الطرف الاصلي والشركة ما هي إلا وكيلة عنها. ومن بين الادلة التي يستشهد بها الكونسوتيوم قضية اخرى من غرفة التجارة الدولية برقم 9954 متعلقة بهيئة الطرق الاثيوبية حيث تقررت مسؤولية الدولة عن عقود هيئات تسيطر الدولة عليها.
أما موقف المملكة المغربية من هذا الادعاء فهو التمسك بما جاء في الحكم الجزئي بشأن الاختصاص، والذي حصر الاختصاص في المطالبات التي تمس بالاتفاقية الثنائية دون المطالبات التعاقدية.
وقرر الحكم ان الاخلالات التعاقدية التي قد تنسب الى الدولة المغربية مباشرة أو بطريق غير مباشر، وكانت تشكل في نفس الوقت انتهاكا للاتفاقية الثنائية، فهذه ليست مسألة اختصاص وانما هي مسألة موضوعية، كما ان اختصاصها الاصلي هو ما يمس الاتفاقية.
ثم أوضح الكونسورتيوم أن الانتهاكات التعاقدية "الجوهرية" تتضمن بالضرورة انتهاكا للاتفاقية، وان الصفة الجوهرية تتوافر اذا كان ذلك راجعا الى جسامة الانتهاك او الى صفته التكرارية Caractére systématique. وبذلك يثبت الاخلال الجوهري بالعقد الذي يعتبر بحكم القانون Ipso jure اخلالا بالاتفاقية ولو كان ذلك الاخلال وجها واحدا للاخلال، اذ يؤدي الى اعتبار الاخلالات الاخرى ذات الطبيعة الاقل شأنا من قبيل الاخلالات الجوهرية، ويبرر الكونسورتيوم ذلك بالطبيعة التبادلية للعقد ووحدة العملية.
ورأي المملكة المغربية أن وجهة نظر الكونسورتيوم في الاكتفاء بإخلال وحيد بالعقد لتشبيهه بمخالفة الاتفاقية ومخالفة القانون الدولي العام من شأنه أن يؤدي الى تعطيل فائدة الاتفاقية بشأن المواد من 2 الى 6 من الاتفاقية مما يجافي الغرض منها.
وحسمت محكمة تحكيم اكسيد هذه النقطة بقولها انه لا يوجد مبدأ يسمى تشبيه المخالفات العقدية بالضرورة بالمخالفات الناشئة عن معاهدة استثمار، وأضافت المحكمة انه خلافا لما يطلبه المدعي فإن الدولة ليس مفروضا عليها ان تحقق صيانة واستخدام والتمتع بالحقوق الناشئة عن العقد، وانما الصحيح هو كما تقول المادة 2/2 أن ذلك كله متاح للمستثمر "ضد اي اجراء غير مبرر او تمييزي". فليست الدولة مطالبة الا بالتحقق من عدم وجود اية تدابير غير مبررة او تنطوي على تمييز.
ومن ناحية اخرى لا توجد –في نظر المحكمة- اية قاعدة او مبدأ بتشبيه الانتهاكات التعاقدية بالضرورة بانتهاكات معاهدة الاستثمار الثنائية. وساقت دليلا على ذلك قضية Alex Genin الي حكم فيها بأن قرار البنك المركزي بسحب رخصة بنك وهو أمر منتقد، إلا أنه لا يرقى الى مستوى انتهاك حكم من احكام الاتفاقية الثنائية للاستثمار، وكذلك الشأن في قضسة Azinian  التي تقرر فيها ان النستثمر الاجنبي يمكن ان ينشىء علاقات تجارية مع سلطة عامة ويعاني اخلالا منها دون ان يرقى ذلك الى ما يعتبر مساسا بالاتفاقية المتعلقة بالاستثمار (نافتا). كما ناقش حكم القضية موضوع التعليق عدة قضايا اخرى تدعيما لأسبابه، وقرر ان محل القضية الماثلة عقد مقاولة ومن الخطأ أن يظن ان المخالقات المتعلقة به يمكن ان تشبه بانتهاكات للاتفاقية الثنائية كما في نزع الملكية والتمييز العنصري والتي ناقشها الحكم تفصيلا ذاكرا أنه لا يوجد تعريف محدد للمعامة العادلة في قانون المعاهدات؛ ومسألة معرفة ماهي درجة الحماية المطلوبة بواسطة الدولتين المتعاقدتين على اتفاقية استثمار يمكن ان تكون اعطاء معاملة عادلة منصفة للمستثمرين الاجانب طبقا لمستويات القانون الدولي مما يتضمن حماية الحقوق الشخصية والجوانب الاجرائية كحق التقاضي وضمان سلامة شخص المستثمر وامواله من اية اعتداءات غير مبررة او تمييزية من جانب الدولة المضيفة، أو –على معنى آخر – أن يقصد بها الالتزام بالمعاملة العادلة التي ليس لها مضمون محدد مسبقا وانما تؤخذ بالمفهوم الموضوعي مع مراعاة ظروف الحالة وهذا المفهوم الثاني هو الذي أخذت به محكمة التحكيم.
وحول تحديد مدى الحق في التعويض طبقا للمادة 4 من الاتفاقية الثنائية قالت محكمة التحكيم ان الصعوبة القائمة هي في تحديد المقصود من عبارة "والاحداث الاخرى المشابهة". وقالت أنه يجب اعمال روح النص وملاحظة انه يشير الى الاحداث ذات الطبيعة السياسية وحالة الاستقرار السياسي او الاجتماعي التي يمكن ان تؤثر على المجال الاقتصادي لبلد معين، وليس مقصودا من النص حدثا معينا من احداث القوة القاهرة او الظروف الطارئة، خاصة وان الاتفاقية تشير الى حالة الحرب والنزاعات المسلحة وحالات الاستعجال المماثلة للحرب والنزاع المسلح وحالة الضرورة ذات الطبيعة السياسية.
ورأت محكمة التحكيم أن تعريف الاستثمار الذي تعطيه الاتفاقية يعتبر أن الحقوق الناشئة عن عقد يمكن أن تكون جزءا من تدبير لنزع الملكية بدءا من لحظة وصف هذا العقد بأنه استثمار بموجب الاتفاقية نفسها، وتعتبر الديون المستحقة للمستثمر جزءا من هذا الاستثمار. وفي قرار قديم متعلق بالمسألة حول مطالبات ملاك السفن النرويجية ضد الولابات المتحدة الامريكية جذبت الانتباه الى أن الحقوق ذات النشأة التعاقدية يمكن ان تكون موضعا لنزع ملكية يخضع لجزاءات الاتفاقية (حكم صادر عام 1922 وكان موضوعه حجزا موقعا من الولايات المتحدة قبل الدخول في الحرب العالمية الاولى يتعلق بسفن ومؤونة للسفن وتجهيزها أصاب فيما أصاب سفنا كانت شركة أمريكية خاصة لصالح ملاك من النرويج) وطالبت النرويج بالتعويض عن نزع الملكية وأجابت عنه الوليات المتحدة بأنه لا يمكن ان يكون هناك نزع ملكية بشأن حقوق مصدرها العقد، وقضت المحكمة التحكيمية لصالح الملاك النرويجيين مما اسقط الحجة الامريكية بشأن حقوق العقد، واشارت المحكمة في القضية الماثلة بعد ذكر هذه الواقعة الى ان معاهدات حماية الاستثمارات الحديثة تتميز باعطاء تعريف واسع المدى لمصطلح استثمار وانها تساير المعلقين في هذا الصدد قائلة بانه كل نوع من الاصول يمكن ان يكون من باب أولي محلا لنزع ملكية ويجب لذلك حمايته بنصوص المعاهدات.
واشارت محكمة اكسيد الى التدابير المعادلة لنزع الملكية من حيث الطبيعة وضربت مثالا بقضية "ايثيل ضد حكومة كندا" التي اعلنت انها ستقوم باستصدار قانون جديد في وقت قريب سوف يحظر استيراد مواد كيمياوية كانت احدى الشركات الامريكية تقوم بدور المستورد والموزع لها في ربوع كندا، واعتبرت ذلك تدبيرا لنزع ملكية غير مباشر يناقض احكام الباب الحادي عشر من ALENA التي تنظم المسألة واعتبرت المحكمة التحكيمية ان مجرد الاعلان عن اصدار قانون في المستقبل من شأنه ان يسبب ضررا بشركة ايثيل؛ كما ضربت مثالا يقضيه ميتالكلاد من حيث التوسع في معني التدبير MESURE.
أما من حيث اثر التدبير فيجب ان تتوافر فيه كثافة معينة ليمكن وصفه بأنه يعادل نزع الملكية، وضربت مثالا بالحكم في قضية SANTA ELENA في شأن شركة كوستارسكية نزعت منها ملكية قطعة ارض ثم ردت اليها مع حظر البناء فيها مما حدا محكمة التحكيم الى اعتبار ذلك نزع ملكية بسبب حرمان المالك من السيطرة الطبيعية على ملكه وجنى ثمراته.
ومن الامثلة التي استشهدت بها محكمة الاكسيد في قضية الكونسورتيوم قضية STARRETT HOUSING ضد جمهورية ايران الاسلامية التي نزعت فيها الملكية عن طريق جعل سند الملكية عديم الاثر بأن ظل في يد المالك دون ان يستطيع الاستمتاع بأي حق من الحقوق المتفرعة عنه.
وبتطبيق الافكار السابقة على واقعة النزاع وجدت محكمة التحكيم في اكسيد ان المصلحة التي نزعت من الكونسورتيوم الايطالي تتمثل في المقطع الثالث من طريق مكناس فاس الذي قسم شطرين احدهما لشركة الحاج المغربية والثاني للكونسورتيوم المحتكم، وبعد توقيع هذا القرار صدر قرار آخر باستقطاع جزء من الكونسورتيوم قدره  2 ر 5% واضافته الى شركة الحاج.
والفرق بين الاثنين أن الجزء المسند لمغاربة يدفع مقابله بالدرهم المغربي بينما المسند الى الكونسورتيوم فيدفع عنه بالايكو 39% والباقي بالدرهم بينما تقضي اللوائح بالدفع بعملة اجنبية لكامل قيمته،وتمسك الكونسورتيوم بأن الجزء المقتطع منه مهم وحيوي وانه نزع لاسباب سياسية وتتضمن تمييزا ضد الاجانب.
ازاء ما تقدم رأت محكمة التحكيم ان المحتكمين لم يثبتوا وجود بواعث سياسية تمييزية ضدهم وأن الامر يتعلق بدفع خطير مالي هو ان الدفع بالدرهم  المحلي افضل بالنسبة الى الدولة المحتكم ضدها من الدفع بعملة اجنبية قد يتعذر عليها توفيرها في الوقت المناسب مما لا يعتبر اعطاء لمعاملة تمييزية للاطراف المغربية على الاطراف الاجنبية.
كذلك اثار الكونسورتيوم طلبا للتعويض عن خسائر  عطلت اعماله نتيجة تقلبات جوية في منطقة العمل ورفضت المملكة المغربية تعويضه عنها. واجابت ان المملكة بأن هذه التقلبات كان على المقاول ان يدرسها ضمن دراسته للمشروع وان يحسب حسابا لغزارة الامطار واعداد العدة لذلك.
وردا على ذلك رأت محكمة التحكيم ان النفقات الزائدة في مواجهة الظروف الجوية الصعبة لا تدخل في عداد الحالات التي وردت في العقد والمتعلقة بالحرب والنزاعات المسلحة وما اليها.
وتناولت محكمة التحكيم مسألة خطابات الضمان وهي خطاب ضمان نهائي نسبته 3% من قيمة الاعمال المسندة واجب الدفع عند اول طلب وخطاب ضمان الاحتجاز وهو بديل لاستقطاع نسبة من المستخلصات للأعمال التي تحتاج الى استيفاء. الاول واجب الرد خلال مدة ثلاثة اشهر من التسليم النهائي للأعمال الذي يحل بعد عام من التسليم المؤقت على الاكثر، أما ضمانة الاموال المحتجزة ( الخطاب الثاني) فإنها يجب ان يفرج عنها في تاريخ الاستلام النهائي للأشغال.
ولما طلبت الشركة المغربية التي طرحت مناقصة المشروع من الكونسورتيوم ان يقوم باصلاح عيوب في الاشغال التي تمت خلال مدة ثلاثين يوما ولم يتم الاصلاح تقدمت الشركة المحتكم ضدها بطلب الى البنك المصدر بتسييل قيمة الخطابات مما يعتبر من قبيل غرامات التأخير، ولكن الكونسورتيوم يرى بأن التأخير ليس بخطأ منه وانما نتيجة لقلب المحتكم ضدها للاشغال ولمشاكل جيولوجية وجوية كبدتها خسائر استثمائية، وأثار الكونسورتيوم كون المطالبة بتسييل قيمة الضمانات كاملة يتضمن نوعا من المبالغة والاسراف حيث انه لا يتناسب مع الاصلاحات المطلوبة، بالاضافة الى ان ما تم من تسييل للضمانات لم يكن ممارسة مشروعة لحق مشروع. 
وفي هذا الشأن قضت محكمة التحكيم في اكسيد بأن الحقوق التي مارستها الشركة المغربية طبقا للقانون واللوائح كانت مشروعة، وعبرت عن ذلك في تعبير بليغ بقولها: »Il s’agit d’un pur contentieux du contrat ; et non de l’expropriation » وبالتالي فلا هو من قبيل نزع الملكية ولا من قبيل ما يعادل نزع الملكية.
وانتقلت بعد ذلك محكمة التحكيم الى الادعاء بعدم وجود معاملة عادلة ومنصفة أو وجود نكار العدالة من جانب رئيس الشركة المغربية التي طرحت المناقصة ثم من جانب وزير التجهيز الذي خاطبه الكونسورتيوم لصمت الشركة عن الرد فلم يرد بدوره مما اعتبره الكونسورتيوم بدوره نكارا للعدالة؛ وقد رفضت محكمة التحكيم هذا الادعاء ورفضت لعتباره نوعا من سوء النية في التعامل مع الكونسورتيوم بقصد التمييز ضده وعدم اعطاءه معادلة منصفة، وعبرت محكمة التحكيم عن استغرابها لهذه الاقوال بأنه ليس كل امتناع عن الرد على مطالبة عقدية ولو كانت محقة يمكن تحليله على انه بقوة القانون انتهاكا للاتفاقية الثنائية، ما لم توجد ظروف معينة تؤكد ذلك وهو ما لم يثبت امامها.
وفي رأينا أن الطرف الايطالي لم يحسن تقديم قضيته وقد اتيحت له الفرصة عدة مرات اثناء الاجراءات دون ان يستطيع سوى تقديم مبالغات لا توجد اي ادلة عليها، وهو يصرح بأن اية مخالفة للعقد ولو كانت قليلة الاهمية تعتبر انتهاكا لاتفاقية الاستثمار الثنائية بين الدولتين، بل انه يصل الى حد ان الغفلة او الاغفال للرد الذي ليس مخالفة عقدية ولا لمعاهدة الاستثمار الثنائية يعتبر اساءة كبرى تحتاج الى تعويض حتى ولو كان عدم الرد كونه لم يرد على التحية والسلام، مما يدل ان الكونسورتيوم ليس على خبرة واسعة بالتعامل الدولي وحدوده المتعارف عليها، اذ كان يمكنه اعتبار عدم الرد قرارا سلبيا او قرار بالرفض تتخذ بشأنه الاجراءات التي تسمح بها قوانين الدولة المضيفة.
وتصل مبالغات الكونسورتيوم الى حد انه يعتبر من قبيل انكار العدالة  Deni de justice مجرد عدم قيام مدير شركة بالرد على مراسلة وعدم رد وزير على مراسلة اخرى مع ان انكار العدالة بالتعبير القانوني البحت يتعلق بالقاضي الذي ينظر في قضية ويمتنع عن اصدار الحكم فيها فيوجه اليه انذار بأنه اذا لم يصدر الحكم خلال مدة معينة سوف تتخذ ضده الاجراءات التي ينص عليها القانون الاجرائي الواجب التطبيق، ولا يوجد في القضية قاض ولا محكم ينسب اليه الكونسورتيوم مثل هذا التقصير، ويبدو ان الكونسورتيوم يستخدم انكار العدالة بمعنى لغوي أو معنى غير قانوني وهو ما كان يجب أن يتجنبه حتى لا يؤثر ذلك على موقفه في القضية. فليس رئيس شركة أو وزير هو الذي يحقق العدالة أو ينكر العدالة حتى ولو كان وزير العدل. وانما هذا الاختصاص الدستوري للسلطة القضائية غير خاضعة لسلطة اخرى. لذلك كان تحقيق العدالة واجبا عليها وانكارها مصدر جزاءات توقع عليها طبقا للقانون.

ليست هناك تعليقات:

كل حقوق محفوظة. يتم التشغيل بواسطة Blogger.